يقول
أبو البقاء الرندي
لكل شيء إذا ما تم نقصــان فلا يغر بطيــب العـيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتهـا دول من سره زمن ساءتــه أزمــان
وهذه الدار لا تبقي على أحـد ولا يدوم على حال لها شـــان
يمزق الدهر حتما كل سابغــة إذا نبت مشرفيات وخرصـــان
أين
الملوك ذوو التيجان من يمـن وأين منهم أكاليــل وتيجــان
أتى
على الكل أمر لا مرد لــه حتى قضوا فكأن القوم ما كانــوا
وصار
ما كان من ملك ومن ملِك كما
حكى عن خيال الطيف وسنان
فجائع
الدهر أنواع منـــوعة وللزمــان مسرات وأحــزان
وللحوادث
سلوان يسهلهـــا وما لما حـل بالإسلام سلــوان
دهى
الجزيرة أمر لا عــزاء لـه هوى له أحد وانهد ثهــــلان
فاسأل
بَلَنسيــةً ما شأن مرسية وأين شاطبــة أم أيـــن جيان
وأين
قرطبة دار العلــوم فكـم من عالم قد سما فيــها لـه شان
قواعد
كن أركان البلاد فمــا عسى
البقاء إذا لم تبق أركـــان
تبكي
الحنيفية البيضاء من أسـف كما بكى لفراق الإلف هيمـــان
على
ديار من الإسلام خاليـــة قد أقفرت ولها بالكفر عمــــران
حيث
المساجد قد صارت كنائس ما فيهــن
إلا نـــواقيس وصـلبان
حتى
المحاريب تبكي وهي جامـدة حتى المنابر ترثى وهي عــــيدان
يا
غفلا وله في الدهر موعظـــة إن كنت في سنة فالدهر يقضـــان
يا
راكبين عتاق الخـــير ضامرة كأنها
في مجال السبق عقبـــــان
وحاملين
سيوف الهند مـــرهفة كأنها في ظلام النقع نــيــــران
وراتعين
وراء البحر في دعـــة لهم بأوطـــانهم عـز وسلطــان
أعنــدكم
نبأ من أهل أنـدلس فقد سرى بحديث القــوم ركبــان
كم
يستغيث بنا المستضعفــون وهم قتلى وأسرى فما يهــتز إنسان
ماذا
التقاطع في الإسلام بينكــم وأنتـــم يا عبــاد الله إخــوان
ألا
نفوس أبيــات لها هــمم أما على الخـيـر أنصـار وأعوان
بالأمس
كانوا ملوكا في منـازلهم واليوم
هم في بلاد الكفر عــبدان
فلو
تراهم حيارى لا دليـل لهـم عليهم من ثياب الذل ألــــوان
يا
رب أم وطفل حيل بينهــمـا كمــا تفـرق أرواح وأبــدان
وطفلة
مثل حسن الشمس إذ طلعت كأنما هـي ياقــوت ومرجــان
يقودها
العلج للمكروه مكرهــة والعـيـن
باكـية والقلب حيـران
لمثل
هذا يذوب القلب من كـمد إن في القلب إسلام وإيمـــــان
أنا
لـن أقـر وثيقــة فرضت
وأخضع للعدى
ما
كان عذري إن جبنت وخفت أسباب الـردى
والموت
حق في الرقاب أطال أم قصر المــدى
إنـي
رسـمت نهايتي بيـدي
ولن أتــرددا
كنت الحسام لأمـتي واليـوم
للـوطن الفدى
أنا
لن أعيش العمــر بل سأقضــي سيـدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق